للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

زجّ لاوة، فدعوهم إلى الإسلام فأبوا، فقاتلوهم فهزموا، فلحق الأصيد أباه سلمة، وسلمة على فرس له فى غدير الزّجّ، فدعا أباه إلى الإسلام، وأعطاه الأمان، فسبّه وسبّ دينه، فضرب الأصيد عرقوبى فرس أبيه، فلمّا وقع الفرس على عرقوبيه ارتكز سلمة رمحه فى الماء، ثم استمسك به، حتى جاءه أحدهم فقتله، ولم يقتله ابنه، وفى هذه السريّة وفى الضحّاك بن سفيان يقول عبّاس بن مرداس:

إنّ الذين وفوا بما عاهدتم ... جيش بعثت عليهم الضّحّاكا

أمرته ذرب اللّسان «١» كأنه ... لمّا تكنّفه العدوّ يراكا

طورا يعانق باليدين وتارة ... يفرى الجماجم صارما بتّاكا «٢»

ذكر سريّة علقمة بن مجزّز المدلجىّ إلى الحبشة

كانت هذه السريّة فى شهر ربيع الآخر سنة تسع من الهجرة، وذلك أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بلغه أنّ ناسا من الحبشة تراآهم أهل جدّة، فبعث إليهم علقمة بن مجزّز فى ثلاثمائة، فانتهى إلى جزيرة فى البحر وقد خاض إليهم، فهربوا منه، فلمّا رجع تعجّل «٣» بعض القوم إلى أهليهم، فأذن لهم، وفيهم عبد الله بن حذافة السّهمىّ، فأمّره علقمة على من تعجّل، وكانت فيه دعابة، فنزلوا ببعض الطريق وأوقدوا نارا يصطلون عليها، فقال لهم: عزمت عليكم إلّا تواثبتم فى هذه النار، فقام بعض القوم حتى ظنّ أنهم واثبون فيها، فقال: اجلسوا، إنما كنت أضحك معكم؛ فذكروا ذلك لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقال: «من أمركم بمعصية فلا تطيعوه» .