هذه المساحة وضائع، ونأمر بإنجامها فى السنة ثلاثة أنجم، ونجمع فى بيوت أموالنا من الأموال ما لو أتانا عن ثغر من الثغور أو طرف من الأطراف فتق «١» أو ما نكرهه واحتجنا الى تداركه أو حسمه بذلنا الأموال التى عندنا ولم نحتج الى استئناف جبايتها، فما الذى ترون فيما رأيناه من ذلك وأجمعنا عليه؟ فلم يشر عليه أحد منهم بمشورة، ولا نطق بكلمة. فكرر كسرى عليهم القول ثلاثا، فقام رجل من عرضهم وقال: أتضع أيها الملك- عمرك الله- خالدا من هذا على الفانى؟ من كرم يموت، وزرع يهيج، ونهر يغيض، وعين أو قناة ينقطع ماؤها. فقال له كسرى: ياذا الكلفة المشئوم، من أىّ طبقات الناس أنت؟ فقال: من الكتّاب. فقال كسرى:
اضربوه بالدّوىّ حتى يموت، فضربه الكتاب خاصة تبرؤا منهم الى كسرى من رأيه، وما صدر من مقالته حتى قتلوه. وقال الناس: نحن راضون بما ألزمتنا أيها الملك به من خراج. ثم اجتمعت الآراء على وضع ما ذكرناه من الوضائع، فاستقرّت على ذلك إلى أن جاء الإسلام، وبها أخذ عمر رضى الله عنه لما فتحت بلاد فارس.
[ذكر قطعة من سير كسرى أنو شروان وسياسته]
قال الشيخ أبو على أحمد بن محمد بن مسكويه فى كتابه المترجم بتجارب الأمم:
إنه قرأ فيما كتبه أنو شروان من سيرة نفسه فى كتاب عمله فى سيرته وما ساس به مملكته: قال كسرى: كنت يوما جالسا بالدّسكرة وأنا سائر الى همذان لنصيف هناك؛ وقد أعدّ الطعام للرسل الذين بالباب من قبل خاقان والهياطلة والصين وقيصر ونقفور؛ ودخل رجل من الأساورة مخترطا سيفه حتى وصل الى السّتر فى ثلاثة أماكن، وأراد الدخول حيث نحن والوثوب علينا، فأشار علىّ بعض خدمى