أن أخرج إليه بسيفى، فعلمت أنه إن كان إنما هو رجل واحد فسوف يحال بيننا وبينه، وإن كانوا جماعة فإنّ سيفى لا يغنى شيئا؛ فلم أخف ولم أتحرّك من مكانى؛ وأخذه بعض الحرس فإذا هو رجل رازىّ من حشمنا وخاصّتنا، فلم يشكّوا أنّ على رأيه كثيرا من الناس، فسألونى ألّا أجلس ولا أحضر للشرب حتى يستبين الأمر، فلم أجبهم الى ذلك لئلّا ترى الرسل منّى جبنا، فخرجت لشربى، «١» فلما فرغنا هدّدت الرازىّ بالعقوبة وقطع اليمين، وسألته أن يصدقنى عن الذى حمله على ذلك، وأنه إن صدقنى لم تنله عقوبة بعد ذلك؛ فذكر أنّ قوما وضعوا من قبل أنفسهم كتبا وكلاما، وذكروا أنه من عند الله، أشاروا عليه بذلك وأخبروه أنى إن قتلته وإن قتلنى أدخل الجنة. فلما فحصت عن ذلك وجدته حقّا؛ فأمرت بتخلية الرازىّ وبردّ ما أخذ منه، وتقدّمت بضرب رقاب أولئك الذين أشاروا عليه حتى لم أدع منهم أحدا.
وقال أنو شروان: إنى لما أحضرت القوم الذين اختلفوا فى الدين وجمعتهم للنظر فيما يقولونه، بلغ من جرأتهم وخبثهم وقوّة شياطينهم أن لم يبالوا بالقتل والموت فى إظهار دينهم الخبيث، حتى إنى سألت أفضلهم رجلا على رءوس الناس عن استحلاله قتلى، فقال: نعم، استحلّ قتلك وقتل من لا يطاوعنا على ديننا! فلم آمر بقتله حتى إذا حضر وقت الغداء أمرت أن يحبس الغداء وأرسلت اليه بطرف الطعام، وأمرت الرسول أن يبلّغه عنّى أنّ بقائى له أنفع مما ذكر؛ فأجاب الرسول إنّ ذلك حقّ، ولكن سألنى الملك أن أصدقه عن ذات نفسى ولا أكتمه شيئا مما أدين به، وإنما أدين بما أخذته من مؤدّبى.