قيل: أتى عدىّ بن أرطاة شريحا القاضى ومعه امرأة له من أهل الكوفة يخاصمها اليه؛ فلما جلس عدىّ بين يدى شريح، قال عدىّ: أين أنت؟ قال: بينك وبين الحائط. قال: إنى امرؤ من أهل الشام؛ قال: بعيد الدار. قال: وإنى قدمت العراق؛ قال: خير مقدم. قال: وتزوّجت هذه المرأة؛ قال: بالرفاء والبنين. قال: وإنها ولدت غلاما؛ قال: ليهنك الفارس. قال: وقد أردت أن أنقلها إلى دارى؛ قال: المرء أحق بأهله. قال: كنت شرطت لها دارها؛ قال:
الشرط أملك. قال: اقض بيننا؛ قال: قد فعلت. قال: فعلى من قضيت؟
قال: على ابن أمّك.
ودخل على الشعبىّ في مجلس قضائه رجل وامرأته، وكانت المرأة من أجمل النساء، فاختصما اليه، فأدلت المرأة بحجتها، وقويت بيّنتها. فقال للزوج: هل عندك من دافع؟ فأنشأ يقول:
فتن الشّعبىّ لمّا ... رفع الطّرف إليها
فتنته بدلال ... وبخطّى حاجبيها
قال للجلواز «١» قرّب ... ها وقدّم شاهديها
فقضى جورا على الخص ... م ولم يقض عليها
قال الشعبىّ: فدخلت على عبد الملك بن مروان؛ فلما نظر إلىّ تبسّم وقال:
فتن الشعبىّ لما ... رفع الطرف اليها
ثم قال: ما فعلت بقائل هذه الأبيات؟ قلت: أوجعته ضربا يا أمير المؤمنين بما انتهك من حرمتى في مجلس الحكومة وما افترى به علىّ. قال: أحسنت!.