كان سبب ذلك أن حميد بن عبد الحميد تحول فنزل عند أرحاء عبد الله بن مالك، فلما رأى أصحاب إبراهيم وقوّاده ذلك تسلّلوا فصار عامّتهم عنده، فأخرج إبراهيم جميع من بقى عنده فالتقوا واقتتلوا، فهزمهم حميد وتبعهم أصحابه حتى أدخلوهم بغداد، وذلك فى سلخ ذى القعدة، فلما كان الأضحى اختفى الفضل بن الربيع ثم تحوّل إلى حميد، وجعل الهاشميون والقوّاد يأتون حميدا واحدا بعد واحد، فلما رأى إبراهيم ذلك سقط فى يده، وبلغه أن أصحابه يريدون أن يسلموه إليهم فداراهم حتى جنّه الليل، واختفى ليلة الأربعاء لثلاث عشرة ليلة بقيت من ذى الحجة، ولم يزل متواريا حتى ظفر به المأمون فى سنة عشر ومائتين على ما نذكره إن شاء الله تعالى.
وكانت أيام إبراهيم سنة وأحد عشر شهرا واثنى عشر يوما، واستقر بعده على بن هشام على شرقى بغداد، وحميد على غربيّها. نعود إلى بقية حوادث سنة اثنتين ومائتين خلاف أخبار إبراهيم بن المهدى.
[ذكر مسير المأمون إلى العراق وقتل ذى الرئاستين الفضل بن سهل]
وفى سنة اثنتين ومائة سار المأمون من مرو إلى العراق، واستخلف على خراسان غسّان بن عبّاد «١» ، وكان مسيره أن على بن موسى الرضا أخبره ما الناس فيه من الفتنة منذ قتل الأمين، وبما كان الفضل بن سهل يستر عنه من أخبار الناس وأهل بيته «٢» ، وأن الناس قد نقموا عليه أشياء، وأنهم يقولون