هل عرفت هذه المرأة؟ فقلت: لا يا أمير المؤمنين. قال: فإنّى أعلم أنك ستسأل عنها ولا تكتم ذلك وأنا أخبرك بها، هذه علية بنت المهدىّ. وو الله لئن لفظت به بين يدى أحد وبلغنى لأقتلنّك. قال: فسمعت جدّى يقول لأبى: فقد والله لفظت به؛ وو الله ليقتلنّك، فاصنع ما أنت صانع.
وأخبار عليّة وأغانيها كثيرة، وقد ذكرنا منها ما يكتفى به.
قال أبو الفرج: وكان مولد عليّة سنة ستين ومائة، وتوفّيت سنة عشرة ومائتين، وقيل: سنة تسع ومائتين، ولها خمسون سنة. وكانت عند موسى بن عيسى ابن موسى بن محمد بن على بن عبد الله بن عبّاس رضى الله عنهما. وكان سبب وفاتها أنّ المأمون ضمّها اليه وجعل يقبّل رأسها ووجهها مغطّى، فشرقت من ذلك وسعلت ثم حمّت بعقب هذا أيّاما يسيرة وماتت. رحمها الله.
[ومنهم أبو عيسى بن الرشيد.]
هو أبو عيسى أحمد، وقيل: بل اسمه صالح «١» بن هارون الرشيد. وأمّه أمّ ولد بربريّة. كان من أحسن الناس وجها ومجالسة وعشرة وأمجنهم وأحدّهم نادرة وأشدّهم عبثا. وكان أبو عيسى جميل الوجه جدّا؛ فكان إذا عزم على الركوب جلس الناس له حتى يروه أكثر مما كانوا يجلسون للخلفاء.
وكانت عريب المأمونية تقول: ما سمعت غناء أحسن من غناء أبى عيسى بن الرشيد، ولا رأيت وجها أحسن من وجهه.
وروى أنّ الرشيد قال يوما لأبى عيسى وهو صبىّ: ليت جمالك لعبد الله! (يعنى المأمون) فقال له: يا أمير المؤمنين، على أنّ حظّه منك لى. فعجب الرشيد من جوابه على صباه وضمّه إليه وقبّله.