المقام عند مواليه تركوه. فأهم ذلك نور الدين، وخاف أن الفرنج متى استولت على دمشق ملكوا الشام أجمع، فأخذ فى إعمال الحيلة وراسل مجير الدين صاحبها وهاداه وداهنه واستماله. وبقى يوقع بينه وبين أمرائه، فكتب إليه يقول:«إن فلانا الأمير قد كاتبنى فى تسليم دمشق» فقبض عليه مجير الدين حتى اختل أمر عسكره وضعف. ثم راسل نور الدين الأحداث من الأمراء بدمشق، ووعدهم الجميل فمالوا إليه ووعدوه بتسليمها له، فسار إليها. فلما نازلها كاتب مجير الدين الفرنج وبذل لهم بعلبك ليمنعوا نور الدين عنه، فحشدوا فارسهم وراجلهم، فلم يتكامل جمعهم إلا وقد ملك نور الدين دمشق، سلمها له الأمراء، ودخلها من الباب الشرقى. وتحصن صاحبها بالقلعة، فبذل له نور الدين حمص، فرضى وسلم القلعة وسار إلى حمص، ثم عوضه عن حمص مدينة بالس فامتنع، وتوجه إلى بغداد ومات بها.
وفى سنة اثنتين وخمسين، ملك نور الدين حصن شيزر من آل منقذ وكانت الزلزلة قد هدمت أسواره فعمرها والله أعلم.
[ذكر ملكه بعلبك]
وفى سنة اثنتين وخمسين وخمسماية ملك بعلبك وقلعتها.
وكانت بيد إنسان يقال له ضحاك البقاعى، منسوب إلى البقاع البعلبكى، كان صاحب دمشق قد ولاه إياها، فلما ملك نور الدين دمشق لم تمكنه مشاححته لقربه من الفرنج، فطاوله إلى الآن وملكها منه.