غير مقبول، وأما ما كان مما يلى مياه العرب، فذنب صاحبه مغفور، وعذره مقبول، وإنا إنما نزلنا على عهد أخذه علينا؛ أنا لا نحدث حدثا، ولا نأوى محدثا، فإنى أرى أن هذا الأمر الذى تدعونا إليه يا أخا قريش مما يكره الملوك، فإن أحببت أن نأويك وننصرك مما يلى مياه العرب فعلنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«ما أسأتم فى الرد إذ أفصحتم بالصدق، وإن دين الله لن ينصره إلّا من حاطه من جميع جوانبه. أرأيتم إن لم تلبثوا إلا قليلا حتى يورثّكم الله أرضهم وديارهم وأموالهم ويفرشكم نساءهم، أتسبّحون الله وتقدّسونه» ؟ فقال النعمان بن شريك: اللهم فلك ذاك، قال: فتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً. وَداعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِراجاً مُنِيراً)
«١» ) ، ثم نهض قابضا على يد أبى بكر وهو يقول:«يا أبا بكر، أيّة أخلاق فى الجاهلية ما أشرفها! بها يدفع الله عز وجل بأس بعضهم من بعض، وبها يتحاجزون فيما بينهم» ، قال: فدفعنا إلى مجلس الأوس والخزرج، فما نهضنا حتى بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فلقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قد سرّ بما كان من أبى بكر، ومعرفته بأنسابهم.
[ذكر بيعة العقبة الأولى]
قال محمد بن إسحاق: فلما أراد الله تعالى إظهار دينه، وإعزاز نبيه، وإنجاز موعده له خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم [فى «٢» ] الموسم الذى لقى فيه الأنصار «٣» ، فعرض نفسه على قبائل العرب كما يصنع فى كل موسم، فبينما هو عند العقبة لقى رهطا من الخزرج أراد الله بهم خيرا، فقال لهم:«من أنتم» ؟ قالوا: