دمشق أن هذه الحادثة تبعث السلطان على الإفراج عنها فلم يفعل، ولما وصل إلى دمشق وعزم على العود إلى الديار المصرية عقد مجلسا بدار العدل حضره القضاة والفقهاء وأهل البلد، وأجرى ذكر البساتين وأخرج فتاوى الفقهاء من الحنفية باستحقاقها، فتوسط الصاحب فخر الدين محمد بن الصاحب بهاء الدين عند السلطان على أن يقرر على أصحاب البساتين ألف ألف درهم، فامتنعوا من ذلك. وقالوا:«لا طاقة لنا بها معجلة» ، وسألوا أن يقسطها، فامتنع السلطان، وتمادى الحال إلى أن خرج من دمشق، ولما وصل إلى منزلة اللجون عاوده الصاحب فخر الدين والأتابك والأمراء، فاستقر الحال أن يعجلوا منها أربعمائة ألف درهم ويعقد لهم بما قبضه نواب السلطان من المغل، ويقسط ما بقى، فى كل سنة مائتى ألف درهم، وكتب بذلك توقيع وقرىء على المنبر بدمشق.
[ذكر وصول الأمير شمس الدين سنقر الأشقر من بلاد التتار والصلح مع التكفور هيتوم صاحب سيس]
كان السلطان قد جهز العساكر إلى سيس، وأسروا ليفون بن هيتوم ولد صاحب سيس على ما نذكره، إن شاء الله تعالى، فترددت الرسل منه إلى السلطان يعرض عليه كل ما تقرر عليه من مال وقلاع. فاقترح السلطان عليه أمورا، منها أن يحضر الأمير شمس الدين سنقر الأشقر من بلاد التتار، وأن يرد القلاع التى أخذها من المملكة الحلبية، فسأل مهلة سنة إلى أن توجه إلى الأردو، وكشف خبره وأجيب إلى إطلاقه. ثم ورد كتاب صاحب سيس بذكر أنه حصله. وورد كتاب الأمير شمس الدين المذكور بعلائم وأماير. فتوقف