وقاتلهم قتالا شديدا، وكانت إبلهم زعرة تنفر من كل شىء، فجمع القمى الأجراس وجعلها فى أعناق خيله، وحمل عليهم فنفرت إبل البجاة لأصواتها وتفرقت، وسارت على الجبال والأودية وتبعهم المسلمون يقتلون ويأسرون إلى الليل، ولم يقدروا على إحصاء القتلى لكثرتهم، ثم طلب ملكهم الأمان على أن يرّد عليه مملكته وبلاده، ويؤدى الخراج للمدة التى منعها وهى أربع سنين، فأمّنه محمد وسار به إلى المتوكل، فخلع عليه وعلى أصحابه وكساهم الحلل المدبّجة، وأعاده مع «١» القمى فرجع إلى بلاده وهو على دينه، وكان معه صنم من حجر يسجد له وهو كهيئة الصبى.
وفى جمادى الآخرة منها ماجت النجوم فى السماء، وجعلت تتطاير شرقا وغربا ويتناثر بعضها خلف بعض كالجراد من قبل غروب الشفق إلى وقت الفجر، ولم يكن مثل «٢» هذا إلا لظهور رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.
وفيها مات الإمام أحمد بن محمد «٣» بن حنبل أبو عبد الله الشيبانى ببغداد، يوم الجمعة لاثنتى عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول وله سبع وسبعون سنة وأيام، وقيل فى هذا التاريخ من شهر ربيع الآخر والله أعلم.
وحجّ بالناس عبد الله بن محمد بن داود.
[ودخلت سنة اثنتين وأربعين ومائتين.]
فى هذه السنة خرجت الروم من شمشاط «٤» بعد خروج على بن يحيى