لم يشبعوا «١» ، وإذا أكل معهم النبىّ صلّى الله عليه وسلّم شبعوا؛ فكان إذا أراد أن «٢» يغذّيهم قال: كما أنتم حتّى يحضر ابنى؛ فيأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيأكل معهم، فيفضلون من طعامهم، وإن لم يكن معهم لم يشبعوا، فيقول أبو طالب: إنك لمبارك؛ وكان الصّبيان يصبحون رمصا شعثا، ويصبح عليه السلام دهينا كحيلا «٣» .
ذكر خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الشام مع عمّه أبى طالب، وخبر بحيرا الراهب
قالوا: لما بلغ رسول الله صلّى الله عليه وسلم اثنتى عشرة سنة وعشرة أيّام، خرج أبو طالب فى ركب تاجرا إلى الشأم، فلما تهيّأ للرحيل تعلّق به رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؛ فرقّ له أبو طالب وقال: والله لأخرجنّ به «٤» ، ولا يفارقنى ولا أفارقه أبدا، فخرج به معه، فلما نزل الرّكب بصرى من أرض الشام، وبها راهب يقال له بحيرا فى صومعة له، وكان إليه علم أهل النصرانية، ولم يزل فى تلك الصّومعة راهب إليه يصير علمهم عن كتاب فيها يتوارثونه كابرا عن كابر، فلما نزلوا ذلك العام ببحيرا وكانوا كثيرا ما يمرون به قبل ذلك، وهو لا يكلمهم، فصنع «٥» لهم طعاما كثيرا، وذلك أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو فى صومعته، فى الرّكب حين أقبلوا، وغمامة تظلّه من بين القوم،