أحمد يعرفه بالصلح، ويأمره ببناء أسوار المدينة وتحصينها ويعلمه أن البناء اليوم خير من غد، وأن يبنى فى كل إقليم من أقاليم الجزيرة مدينة حصينة وجامعا ومنبرا، وأن يأخذ أهل كل إقليم بسكنى «١» مدينتهم ولا يتركوا متفرقين فى القرى. فسارع الأمير أحمد إلى ذلك، وشرع فى بناء سور المدينة. وبعث إلى جميع الجزيرة مشايخ ليقفوا على العمارة.
[ذكر اخلاء طبرمين ورمطة]
وفى سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة، وصلت هدية ملك القسطنطينية فأمر المعز لدين الله بإخلاء طبرمين ورمطة، فاغتم المسلمون لذلك.
فأمر الأمير أحمد أخاه أبا القاسم وعمه جعفرا، فنزلا بينهما وهدمتا وأحرقتا بالنار.
وفيها أمر المعز لدين الله الأمير أحمد بمفارقة صقلية والقدوم إلى إفريقية. ففارقها بجميع أهله وماله وأولاده وإخوته. فركبوا فى ثلاثين مركبا. ولم يبق منهم بصقلية أحد. فكانت ولايته خاصة ست عشرة سنة. واستخلف على صقلية يعيش مولى أبيه «٢» .