ولاية العهد، وتقدّم للمهدى فامتنع من ذلك، فاطرحه المنصور وحطّ من رتبته، وقدّم المهدى عليه فى الجلوس، وأذاه بأنواع الأذى وأهانه بأنواع الإهانة، وآخر الأمر إن المنصور أمر الربيع أن يخنق عيسى بحمائل سيفه، فخنقه وهو يستغيث: الله الله فى دمى يا أمير المؤمنين، والمنصور يقول:
ازهق نفسه، هذا بحضور أبيه موسى، فقام أبوه عند ذلك وبايع للمهدى، ثم جعل عيسى بن موسى بعده، فقال الناس: هذا الذى كان غدا فأصبح بعد غد هذا أحد الأقوال فى خلعه، وقيل بل شهد عليه ثلاثون نفرا من شيعة المنصور، أنه خلع نفسه وبايع للمهدى فأنكر ذلك، فلم يسمع منه، وقيل بل اشترى المنصور ولاية العهد منه بأحد عشر ألف ألف درهم، وكانت مدة ولاية عيسى الكوفة ثلاث عشرة سنة، وعزله المنصور واستعمل محمد بن سليمان.
[ذكر وفاة عبد الله بن على وخبر عيسى بن موسى]
قال: كان المنصور قد أحضر عيسى بن موسى بعد أن خلع نفسه، وسلّم إليه عمه عبد الله بن على وأمره بقتله، وقال: إن الخلافة صائرة إليك بعد المهدى، فاضرب عنقه وإياك أن تضعف، فينتقض علىّ أمرى الذى دبرته، ثم مضى المنصور إلى مكة وكتب إلى عيسى من الطريق يستعلم منه:
ما فعل فى الذى أمره، فكتب إليه عيسى: قد أنفذت ما أمرت به، فلم يشك أنه قتله، وكان عيسى حين أخذ عبد الله من المنصور دعا كاتبه يونس ابن [أبى]«١» فروة، واستشاره فى أمره، فقال: إنما أراد المنصور أن يقتله ثم يقتلك به، لأنه أمرك بقتله سرا ثم يدعيه عليك علانية، فلا تقتله ولا