قتلته- حتى قتلت من أسرى المسلمين أثنى عشر ألفا، ثم أرسلت تطلب المفاداة لمن بقى منهم، فأرسل المتوكل شنيفا الخادم على الفداء، وطلب قاضى القضاة جعفر بن عبد الواحد أن يحضر الفداء ويستخلف على القضاء، فأذن له المتوكل واستخلف على القضاء ابن أبى الشوارب- وهو شاب، ووقع الفداء على نهر اللّامس، فكان أسرى المسلمين من الرجال سبعمائة وخمسة وثلاثين رجلا، ومن النساء مائة وخمسا وعشرين امرأة.
[ذكر غارة البجاة بمصر]
فى هذه السنة غارت البجاة على أرض مصر، وكانت قبل ذلك لا تغير لهدنة قديمة، وكانوا يؤدون إلى عمال مصر الخمس مما فى بلادهم من معادن الذهب، فامتنعوا من ذلك فكتب صاحب البريد إلى المتوكل بخبرهم، وأنّهم قتلوا عدة من المسلمين ممن يعمل فى المعادن، وزاد شرهم حتى خاف أهل الصعيد منهم على أنفسهم، فولّى المتوكل محمد بن عبد الله القمّى حربهم، واستعمله على معونة قفط والأقصر وأرمنت وإسنا وأسوان، وأمره بمحاربة البجاة، وكتب إلى عنبسة بن إسحاق الضبى- عامل حرب مصر- بإزاحة علّته وإعطائه من الجند ما يحتاج إليه ففعل، وسار محمد إلى أرض البجاة وتبعه من المتطوعة وعمال المعادن خلق كثير، فبلغت عدتهم نحوا من عشرين ألفا من فارس وراجل، وحمل له فى بحر القلزم سبع مراكب موقورة بالدقيق والزيت والتمر والشعير والسويق، وسارت لتوافيه على ساحل البحر ببلاد البجاة، وسار هو إلى بلادهم فى البر حتى بلغ حصونهم، فخرج إليه ملكهم- واسمه على بابا- فى جموع عظيمة أضعاف المسلمين وهم على المهارى، فلم يصدقهم القتال وأراد مطاولتهم حتى تفنى أزوادهم، فيأخذهم باليد من غير حرب، فأقبلت المراكب التى فيها الأقوات ففرقها محمد- على من معه، فعندها صدقهم على بابا القتال