الخامس- ما عدّه الله تعالى عليه من نعمه، وقرّره من آلائه قبله فى بقية السورة، من هدايته إلى ما هداه له، أو هداية الناس به على اختلاف التفاسير، ولا مال له فأغناه بما آتاه، أو بما جعله فى قلبه من القناعة والغنى، ويتيما فحدب عليه عمّه وآواه إليه، وقيل: آواه إلى الله، وقيل: يتيما لا مثال لك فآواك إليه، وقيل المعنى ألم يجدك فهدى بك ضالّا، وأغنى بك عائلا، وآوى بك يتيما، ذكّره بهذه المنن، وأنه- على المعلوم من التفسير- لم يهمله فى حال صغره وعيلته ويتمه، وقبل معرفته به ولا ودّعه ولا قلاه، فكيف بعد اختصاصه واصطفائه. والله أعلم السادس- أمره بإظهار نعمته عليه، وشكر ما شرّفه به بنشره وإشادة ذكره بقوله:(وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ)
، فإنّ من شكر النعمة التحدّث بها، وهذا خاصّ له، عامّ لأمته.
وقال ابن إسحاق «١» : أى بما جاءك من الله من نعمته وكرامته من النبوّة، فحدّث بها أى اذكرها وادع إليها. قال: فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر ما أنعم الله به عليه وعلى العباد به من النبوّة سرّا «٢» إلى من يطمئنّ إليه من أهله.
قال: ثم فرضت الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم. والله الموفّق لطاعته.
[ذكر فرض الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم]
روى عن عائشة أمّ المؤمنين- رضى الله عنها- أنها قالت «٣» : افترضت الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم أوّل ما افترضت ركعتين «٤» ركعتين كلّ صلاة، ثم إن الله تعالى أتمّها فى الحضر أربعا، وأقرها فى السّفر على فرضها الأوّل ركعتين.