قال أبو حانم عن أبى عبيدة قال: خرج دريد بن الصّمّة فى فوارس من بنى جشم حتى إذا كانوا فى واد يقال له: الأخرم، وهم يريدون الغارة على بنى كنانة، إذ رفع له رجل فى ناحية الوادى ومعه ظعينة، فلمّا نظر اليه قال لفارس من أصحابه:
صح به: خلّ الظّعينة وانج بنفسك، فانتهى اليه الفارس، فصاح به وألحّ عليه، فألقى زمام الراحلة وقال للظعينة:
سيرى على رسلك سير الآمن ... سير رداح ذات جأش ساكن
إنّ انثنائى دون قرنى شائنى ... أبلى بلائى واخبرى وعايتى
ثم حمل عليه فصرعه وأخذ فرسه وأعطاه للظّعينة، فبعث دريد فارسا آخر لينظر ما صنع صاحبه، فلمّا انتهى اليه ورآه صريعا صاح به فتصامّ عنه، فظنّ أنه لم يسمع، فغشيه، فألقى زمام الراحلة إلى الظّعينة ورجع وهو يقول:
خلّ سبيل الحرّة المنيعه ... إنّك لاق دونها ربيعه
فى كفّه خطّية مطيعه ... أولا فخذها طعنة سريعه
والطّعن منّ فى الوغى شريعه
ثم حمل عليه فصرعه، فلمّا أبطأ على دريد بعث فارسا [ثالثا «١» ] لينظر ما صنعا، فلما انتهى إليهما رآهما صريعين ونظر إليه يقود ظعينته ويجرّ رمحه. فقال له:
خلّ سبيل الظّعينة، فقال للظعينة: اقصدى قصد البيوت، ثم أقبل عليه فقال:
ماذا تريد من شتيم عابس ... ألم تر الفارس بعد الفارس