[ذكر سلطنة السلطان الملك العادل زين الدين كتبغا المنصورى، وهو العاشر من ملوك دولة الترك بالديار المصرية.]
كان جلوسه على تخت السلطنة فى يوم الأربعاء «١» ، حادى عشر المحرم سنة أربع وتسعين وستمائة. وكان سبب ذلك، أنه لما ملك السلطان الملك الناصر، واستقر هو فى نيابة السلطنة كما تقدم، شرع يمهد القواعد لنفسه فى مدة نيابته، ويقرر «٢» الأحوال، ويستميل الأمراء. فلما كان فى أول هذه السنة، انقطع فى دار النيابة، بقلعة الجبل، وادّعى الضعف. وإنما كان انقطاعه لتقرير أمر السلطنة له. وركب السلطان الملك الناصر، رجاء إلى دار النيابة للسلام عليه وعيادته فلما اتفقت فتنة المماليك المتقدمة، جلس [الأمير زين الدين كتبغا «٣» ] فى اليوم الثانى منها، بدار النيابة. وجمع الأمراء، وذكر لهم أن ناموس السلطنة، وحرمة المملكة، لا يتم لصغر سن السلطان الملك الناصر. فاجتمعت آراء الأمراء على إقامة الأمير زين الدين كتبغا فى السلطنة. وحلفوا له، وقدم له فرس النوبة بالرقبة الملوكية، وعليها ألقابه. وركب من دار النيابة، قبل أذان العصر، من هذا اليوم. ودخل من باب القلعة «٤» إلى الأدر السلطانية، والأمراء مشاة فى خدمته. ودخل على تخت السلطنة، ونلقب بالملك العادل. وحجب السلطان الملك الناصر، وجعله فى بعض القاعات هو وأمه. وعامله بما لا يليق أن يعامله