قال: وأوحى الله تعالى إليه أن يتّخذها فى ديار قومه، وأن يجعلها ألف ذراع طولا وخمسائة عرضا وثلاثمائة ارتفاعا، فأعدّ آلات النّجارة، وشرع فى عملها وأعانه أولاده ومن آمن من قومه، والناس يسخرون منه ويقولون: بعد النبوّة صرت نجّارا، ونحن نشكو القحط، وأنت تبنى للغرق. قال الله تعالى: وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّما مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ قالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَما تَسْخَرُونَ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ
؛ وكانوا يأتون السفينة بالليل فيشعلون فيها النار ولا تحترق، فيقولون: هذا من سحرك يا نوح.
وجعل نوح رأس السفينة كرأس الطاوس، وعنقها كعنق النّسر، وجؤجؤها كجؤجؤ الحمامة، وكوثلها كذنب الديك، ومنقارها كمنقار البازى، وأجنحتها كأجنحة العقاب؛ ثم غشّاها بالزفت، وجعلها سبع طبقات لكلّ طبقة باب؛ فلمّا فرغ من بنائها نطقت بإذن الله وقالت: لا إله إلا الله إله الأوّلين والآخرين، أنا السفينة، من ركبنى نجا، ومن تخلّف عنّى غرق، ولا يدخلنى إلّا أهل الإخلاص.
فقال نوح لقومه: أتؤمنون؟ قالوا: هذا قليل من سحرك. ثم استأذن ربّه فى الحج، فأذن له؛ فلمّا خرج همّ القوم بإحراقها، فأمر الله الملائكة فاحتملوها إلى الهواء، فكانت معلّقة حتى عاد من حجّه. ولمّا قضى مناسكه رأى تابوت «١» آدم عن يمين الكعبة، فسأل ربّه فى ذلك التابوت فأمر الملائكة فحملوه إلى دار