بلاد خراسان، ووصل إلى غزنة في صحبة بعض المتصوفين، ثم لزم أبا على بن شادان متولّى الأمور ببلخ لداود والد السلطان ألب أرسلان، فحسنت حاله معه، وظهرت كفايته، وأمانته، وصار معروفا عندهم بذلك، فلما حضرت أبا على الوفاة أوصى ألب أرسلان به، فولاه شغله، ثم صار وزيرا له إلى أن ولى السلطنة، وتنقّل في الوزارة، فكانت وزارته ثلاثين سنة. هذا أحد ما قيل في ابتداء أمره.
وأما سيرته: فإنه كان عالما أديبا جوادا كثير الحلم والصفح عن المذنبين، وكان مجلسه عامرا بالفقهاء، والفقراء، وأئمة المسلمين، وأهل الخير والصلاح. أمر ببناء المدارس في سائر الأمصار والبلاد، وأجرى لها الجرايات العظيمة، وأسقط. المكوس والضرائب، وأزال لعن الأشعرية من على المنابر، فإن الوزير عميد الملك الكندرى كان قد حسّن للسلطان لعن الرافضة، وأضاف إليهم الأشعرية، وكان نظام الملك رحمه الله تعالى إذا سمع المؤذن أمسك عما هو فيه، ويجيبه، فإذا فرغ من الأذان لا يبدأ بشىء قبل الصلاة، وله من حسن الآثار ما هو موجود باق إلى وقتتا هذا رحمه الله تعالى.
[ذكر وفاة السلطان ملكشاه وشىء من سيرته]
كانت وفاته ببغداد في يوم الجمعة منتصف شوال سنة خمس وثمانين وأربعمائة، وذلك أنه لما قتل الوزير نظام الملك كما قدمناه، سار السلطان إلى بغداد، فدخلها في الرابع والعشرين من شهر رمضان من السنة، وخرج في أوائل شوال إلى ناحية دجيل للصيد، فاصطاد