للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقاتل الفرنج وأبلى زنكى فى هذه المواقف بلاء حسنا. فعادت العساكر تتحدث بما فعله، وعاد البرسقى وأقام زنكى بالموصل مع الملك مسعود، والأمير جيوش بك، إلى أن أظهر العصيان على السلطان فى سنة أربع عشرة وخمسماية، ثم استأمن الملك مسعود لأخيه السلطان على ما قدمنا ذكر ذلك فى أخبار الدولة السلجقية.

[ذكر ابتداء حال عماد الدين زنكى وترقيه وتنقله فى الولايات]

كان ابتداء ولايته فى سنة ست عشرة وخمسماية، وذلك أن السلطان محمود أقطع الأمير اقسنقر البرسقى مدينة واسط.

وأعمالها، مضافا إلى ما بيده من ولاية الموصل وشحنكية العراق وغير ذلك. فسير البرسقى إليها عماد الدين زنكى وأمره بحمايتها.

فسار إليها فى شعبان وقام بحمايتها أحسن قيام، وحضر مع الخليفة المسترشد بالله قتال دبيس بن صدقة أمير الحلة. وكان لعماد الدين فى ذلك آثار حسنة، وأقام إلى أن عزل اقسنقر البرسقى عن شحنكية العراق ورجع إلى الموصل فى سنة ثمانى عشرة وخمسماية.

وكان عماد الدين إذ ذاك بالبصرة قد سيره البرسقى لحمايتها.

فلما توجه البرسقى إلى الموصل أرسل إليه يأمره باللحاق به، فقال لأصحابه: «قد ضجرنا مما نحن فيه بالموصل، فى كل يوم أمير جديد، ونحتاج نخدمه، وقد رأيت أن أسير إلى السلطان محمود فأكون معه» ؛ فأشاروا عليه بذلك. فسار إلى السلطان [محمود] فقدم عليه وهو بإصفهان، فأكرمه. وكان يقف عن يمين تخت السلطان إلى جانبه لا يتقدم عليه غيره، وهى منزلة والده من قبله.