فاختص به وخدمه وتقدم عنده، أخبرنى الأمير بدر الدين بكتوب الشرفى المنصورى، وكان من الدّواداريّة المنصورية- قال: توجه الملك الصالح ابن السلطان الملك المنصور إلى الصيد فأرسل إلى السلطان من صيده خمسين حملا، وأرسل إلى الأمير حسام الدين طرنّطاى خمسة أحمال، وأرسل إلى غيره وأرسل بذلك الأمير سيف الدين سلّار قال ففرح السلطان بذلك فرحا شديدا، وحضر الأمير حسام طرنطاى إلى خدمة السلطان والصيد بين يديه، فأراه ذلك وقال له أى شئ تنعم به على سلّار، فقال له طرنطاى، سلّار مملوك مولانا السلطان ومملوك ولده الملك الصالح، والسلطان الملك الصالح يحبّ أن يفرح بمملوكه أمير عشرة، قال فنظر إليه السلطان وقال: يا طرنطاى، والله إن دولة يكون فيها سلّار أمير عشرة دولة كذا وأمر له بخمسة آلآف درهم إنعاما ولم يسمح له بإمرة عشرة، ثم أمّر بعد ذلك، وبلغ فى نيابته من التمكن ونفاذ الكلمة والاستقلال بالأمر وكثرة الإقطاعات، وسعة الأموال والمتاجر وغير ذلك ما لم يبلغه نائب سلطنة قبله، وكان يعد من الشجعان، ومن عقلاء الناس- رحمه الله تعالى.
[ذكر تفويض نيابة السلطنة بالمملكة الطرابلسية]
للأمير جمال الدين الأفرم [٦١] فى هذه السنة فوض السلطان نيابة السلطنة بالمملكه الطرابلسية والفتوحات للأمير جمال الدين آقش الأفرم وسبب ذلك أن الأمير سيف الدين بهادر الحلبى الحاج- نائب السلطنة بها- توفى إلى رحمة الله تعالى فى يوم الأحد- العاشرة من النهار- ثامن عشر ربيع الآخر بطرابلس، ودفن بها، وطولع السلطان بذلك، فرسم للأمير جمال الدين المذكور أن يتوجه إليها من صرخد، فاستعفى من ذلك، فرسم بعود الأمير سيف الدين أسندمر كرجى إليها، فاستعفى أيضا، وصمم أن لا يعود إلى طرابلس، فرسم ثانيا للأمير جمال الدين أن يتوجه إليها وكتب تقليده بالنيابة ومنشوره بالإقطاع، وتوجّه إليه بذلك من الأبواب السلطانية الأمير ركن الدين بيبرس الأوحدى، فنقله من صرخد إلى طرابلس، وكان وصوله إليها فى نصف شهر رجب سنة عشر وسبعمائة.