قال: ثمّ رحل السّلطان بعد فتوح برزيّة من الغد فأتى جسر الحديد، وهو على العاصى بالقرب من أنطاكيّة، فأقام هناك حتّى وافاه من تخلّف عنه من عسكره ثمّ سار إلى قلعة دربساك، فنزل عليها فى ثامن شهر رجب سنة أربع وثمانين وخمسمائة، وهى من أحصن معاقل الدّاويّة وقلاعهم التى يدّخرونها عند نزول الشدائد بهم. فنصب عليها المجانيق، وتابع الرّمى بالحجارة، فهدم قطعة يسيرة من سورها؛ ثمّ أمر بالزّحف عليها ومهاجمتها؛ فتوالى الزّحف والقتال، وتقدّم النّقّابون فنقبوا منها برجا وعلقوه فسقط، وطلب أهله الأمان فأمّنهم على ألا يخرجوا منها بغير ثيابهم خاصّة، فخرجوا كذلك، وتوجهوا إلى أنطاكيّة، وتسلّمه فى تاسع عشر شهر رجب «١» .
[ذكر فتح قلعة بغراس]
قال: ثمّ سار عن دربساك إلى قلعة بغراس، فحصرها بعد أن اختلف أصحابه فى حصرها، فمنهم من أشار به، ومنهم من نهى عنه وقال هو حصن حصين، وقلعة منيعة، وهو بالقرب من أنطاكية. فسار إليها وجعل أكثر عسكره مقابل أنطاكية يغيرون على ضياعها، وبقى هو فى بعض أصحابه على القلعة ونصب عليها المجانيق فلم يؤثّر فيها، فغلب على الظّنون تعذّر فتحها. فبينما هم فى ذلك إذ جاء رجل من القلعة يطلب الأمان لرسول، فأعطيه، وجاء رسول يطلب الأمان لأهلها، وسلّموها على قاعدة دربساك، فأجابهم إلى ما طلبوا. وعاد