قال: كان فى بنى إسرائيل رجل يقال له: ذو الكفل، لا ينزع عن ذنب عمله، فاتبع امرأة فأعطاها ستين دينارا على أن تعطيه نفسها؛ فلما قعد منها مقعد الرجل من المرأة أرعدت وبكت؛ فقال: ما يبكيك؟ قالت: من هذا العمل ما عملته قطّ. قال: أكرهتك؟ قالت: لا، ولكن حملتنى عليه الحاجة. قال:
اذهبى فهى لك. ثم قال: والله لا أعصى الله أبدا. فمات من ليلته. فقيل:
«مات ذو الكفل» فوجدوا على باب داره مكتوبا: إنّ الله قد غفر لذى الكفل.
وقال أبو موسى الأشعرىّ- رضى الله عنه- إنّ ذا الكفل لم يكن نبيّا ولكنه كان عبدا صالحا، تكفّل بعمل رجل صالح عند موته، فكان يصلّى لله تعالى فى كل يوم مائة صلاة، فأحسن الله- عزّ وجلّ- عليه الثناء.
وقيل: كان رجلا عفيفا، تكفل بشأن رجل وقع فى بلاء، فأنجاه الله تعالى.
وقيل: ذو الكفل، هو إلياس النبىّ عليه السلام.
وقيل: هو زكريا النبىّ عليه السلام؛ والله تعالى أعلم.
[الباب السابع من القسم الثانى من الفن الخامس فى خبر شعيب النبى عليه السلام]
هو شعيب بن صنعون بن عفّا بن نابت بن مدين بن إبراهيم عليه السلام.
قال: وعاش مدين عمرا طويلا، وكان قد تزوّج امرأة من العمالقة فولدت له أربعة بنين، ونسلوا فكثر عددهم فى حياة مدين، فلما رآى كثرة عقبه جمعهم وأشار عليهم أن يبنوا مدينة ويحصّنوها من العمالقة؛ ففعلوا ذلك، وجعلوا أبوابها من الحديد، وسمّوها مدين باسم أبيهم، وجعلوها محالّ لقبائلهم، فرغبت العمالقة