فى صورة شيخ فقير حين أخذ مضجعه للقائلة، وكان لا ينام بالليل إلّا تلك النومة؛ فدقّ الباب؛ فقال: من هذا؟ فقال: شيخ مظلوم. ففتح الباب، فجعل يقص عليه قصته، فقال: إن بينى وبين قوم خصومة، وإنهم ظلمونى وفعلوا وفعلوا وفعلوا؛ وجعل يطوّل عليه حتى حضر الرواح وذهبت القائلة؛ فقال له: إذا رحت فإنّى قد أخذ بحقك. فانطلق وراح، فكان فى مجلسه، فجعل ينظر هل يرى الشيخ؟
فلم يره؛ فلما رجع وأخذ مضجعه أتاه ودقّ الباب، فقال: من هذا؟ قال: أنا الشيخ المظلوم. فقال: ألم أقل لك: إذا قعدت فأتنى. قال: إنهم أخبث قوم إذا عرفوا أنك قاعد قالوا: نحن نطيعك ونعطيك حقّك، وإذا قمت جحدونى.
قال: فانطلق، فإذا رحت فأتنى، ففائته القائلة، فراح فجعل ينظر فلا يراه وشقّ عليه النعاس، فقال لبعض أهله: لا تدعنّ أحدا يقرب هذا الباب حتى أنام فإنى قد شق علىّ النعاس. فلما كانت تلك الساعة جاء فلم يأذن له الرجل، فنظر فرأى كوّة فى البيت، فتسوّرها فإذا هو فى البيت، وإذا هو يدقّ الباب من داخل؛ فاستيقظ ذو الكفل، وقال: يا فلان، ألم آمرك ألّا تأذن لأحد علىّ؟ فقال:
أمّا من قبلى فما أتيت، فانظر من أين أتيت.
فقام إلى الباب فإذا هو مغلق والرجل معه فى البيت، فقال له: أتنام والخصوم ببابك؟ فقال: فعلتها يا عدوّ الله. قال: نعم، أعييتنى فى كل شىء ففعلت ما ترى لأغضبك، فعصمك الله منى، فسمّى ذا الكفل، لأنه متكفّل بأمر فوفى به.
وروى الثعلبىّ أيضا بسند رفعه إلى ابن عمر- رضى الله عنهما- قال:
سمعت رسول الله- صلّى الله عليه وسلّم- يحدّث حديثا لو لم أسمعه إلّا مرة أو مرتين لم أحدّث به، سمعته منه أكثر من سبع مرات.