فتوجه إليه ولده الظّهير، وأبلغه رسالة الملك المعظم إليه. وعرفه رغبته فيه. فأشار عليه صاحب ماردين أن يقيم، ولا يتوجه، وقال: هذه خديعة. ومكّنه من مملكته وخزائنه. فأبى إلّا الانحياز إلى الملك المعظم.
وتوجه إلى الشام، فى سنة ثمانى عشرة «١» وستمائة.
فخرج المعظم إليه وتلقاه، ولم ينصفه. ونزل بدار شبل الدولة الحسامى «٢» بقاسيون. وأعرض المعظم عنه، إلى أن تفرق عنه من كان حوله، وأنفق ما كان فى حاصله، واحتاج إلى بيع دوابه وقماشه. ولم يزل كذلك إلى أن مات غمّا، فى هذه السنة. وكان قد وصل إلى الشام، ودائرته بمائة ألف دينار، فمات وليس له ما يكفّن فيه! فقام بتجهيزه شبل الدولة كافور الحسامى، وابتاع له تربة بألف درهم، ودفنه بها.
وكانت للمبارز المواقف المشهودة، حتى يقال إنه لم يكن فى زمانه أشجع ولا أكرم منه. ويقال إنه كان مملوك شمس الدولة تورانشاه بن أيوب «٣» - رحمهما الله تعالى.
[واستهلت سنة إحدى وعشرين وستمائة:]
[ذكر وصول الملك المسعود من اليمن]
وفى هذه السنة، قدم الملك المسعود أقسيس- بن الملك الكامل- من اليمن إلى القاهرة، من جهة الحجاز. وإنما جاء طمعا فى أخذ دمشق والشام.