للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيا عجبا للشىء هذى خلاله ... وتارك ما فيه من الحظ أعجب

وقد يتظّنى الناس أن أساهم ... وصبرهم فيهم طباع مركّب

فإنهما ليسا كشىء مصرّف ... يصرّفه ذو نكبة حين ينكب

فإن شاء أن يأسى أطاع له الأسى ... وإن شاء صبرا جاءه الصبر يجلب

وليسا كما ظنوهما بل كلاهما ... لكلّ لبيب مستطاع مسبّب

يصرّفه المختار منا فتارة ... يراد فيأتى، أو يزاد فيذهب

اذا احتجّ محتجّ على النفس لم تكد ... على قدر يمنى لها تتعتّب

وساعدها الصبر الجميل فأقبلت ... إليها له طوعا جنائب تجنب

وإن هو منّاها الأباطيل لم تزل ... تقاتل بالعتب القضاء وتغلب

فيضحى جزوعا إن أصابت مصيبة ... ويمسى هلوعا إن تعذّر مطلب

فلا يعذرنّ التارك الصبر نفسه ... بأن قيل: إن الصبر لا يتكسّب

[ذكر ما قيل في وفور العقل]

قال الله تعالى: (إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ)

قال المفسرون: عبّر عن العقل بالقلب، لأنه محلّه وسكنه، وقال تعالى: (وَلِيَذَّكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ)

، وقال تعالى: (وَما يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُوا الْأَلْبابِ) .*

وقال تعالى: (هَلْ فِي ذلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ) .

وروى عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم أنه قال: «أوّل ما خلق الله العقل، قال له: أقبل، فأقبل، ثم قال له: أدبر، فأدبر، ثم قال: وعزتى وجلالى، ما خلقت خلقا أكرم على منك، بك آخذ، وبك أعطى، وبك أثيب، وبك أعاقب» .