ويقال: إن الإسكندر فى الأيّام التى نازل فيها دارا كان يسير اليه بنفسه على أنه رسول فيتوسّط العسكر ويعرف كثيرا مما يحتاج اليه، فكان دارا يستحسن سمته، ويحسن صلته ومجازاته، ثم اتّهمه، وأحسّ الإسكندر بذلك فما عاد اليه بعدها.
[ذكر شىء من مكايد الإسكندر وحيله فى حروبه]
من ذلك أنه لمّا التقى بدارا يوم الحرب أمر مناديه فنادى: يا معشر الفرس، قد علمتم ما كتبنا لكم من الأمانات، فمن كان منكم على الوفاء فليعتزل عن العسكر وله منّا الوفاء بما ضمنّاه، فاتهمت الفرس بعضها بعضا، وكان ذلك أوّل اضطراب حدث فيهم.
ومن ذلك أنه لمّا شخص عن فارس الى أرض الهند تلقاه ملكها قور «١» فى جمع عظيم من الهنود ومعه ألف فيل عليها المقاتلة بالسلاح وفى خراطيمها السيوف والعمد، فلم تقف لها دوابّ الإسكندر وفرّت فكانت الهزيمة عليه، فلمّا بلغ الإسكندر مأمنه أمر باتّخاذ فيلة من نحاس «٢» مجوّفة وربط خيله بين تلك التماثيل حتى ألفتها، ثم أمر فملئت نفطا وكبريتا، وألبسها الدروع وجرت على العجل، وعاود حرب الهند، وجعل بين كلّ تمثالين جماعة من أصحابه. فلمّا نشبت الحرب أمر بإشعال النيران فى أجواف تلك التماثيل وانكشف أصحابه عنها وغشيتها فيلة الهند، فخرجت