ما كلمت أحدا من الملوك أكمل عقلا ولا أبلغ من الأمير محمد بن عبد الرحمن، رحمه الله تعالى. وكانت وفاة محمد فى خلافة المعتمد على الله العباسى.
[ذكر امارة المنذر بن محمد]
هو أبو الحكم المنذر بن محمد بن عبد الرحمن بن الحكم ابن هشام بن عبد الرحمن الداخل، وأمه أمّ ولد اسمها ايل «١» ، وهو السادس من أمراء بنى أمية بالأندلس. قام بالأمر فى يوم وفاة أبيه فى غرّة شهر ربيع/ الأول سنة ثلاث وسبعين ومائتين، وقيل بويع له بعد وفاة أبيه بثلاث ليال وخالف عليه ابن حفصون- وقد ذكرنا خلافه على أبيه- وتحصن عمر بن حفصون بطليطلة، فسار المنذر إليها وأحدق بها، فأعمل ابن حفصون الحيلة وسلك طريق المكر والخديعة، وسأل الأمان، وأظهر الرغبة فى سكن قرطبة بأهله وولده. فأمنه المنذر وكتب له بما أراد، وفصّل لأولاده الثياب. ثم سأل مائة بغل يحمل عليها أثقاله وعياله إلى قرطبة، فأمر له المنذر بها وسلّمت إليه وعليها عشرة من العرفاء.
وارتحل العسكر، فأخذ ابن حفصون البغال وقتل العرفاء، وعاد إلى سيرته الأولى. فعقد المنذر على نفسه أنه لا أعطاه صلحا ولا عهدا إلا أن يلفى بيده وينزل على حكمه، وأمر بالسكنى،