وجند بغداد، والثلثان للموالى والأتراك، فامتنع المستعين من الإجابة إلى الخلع. وظن أن وصيفا وبغا معه فكاشفاه، فقال: النطع والسيف.
فقال له ابن طاهر: لا بد من خلعها طائعا أو مكرها، فأجاب إلى الخلع وكتب بما أراد لنفسه من الشروط، وذلك لإحدى عشرة ليلة خلت من ذى الحجة، وجمع محمد الفقهاء والقضاة وأدخلهم على المستعين وأشهدهم عليه، أنّه صيّر أمره إلى محمد بن عبد الله، ثم أخذ منه جوهر الخلافة، وبعث ابن طاهر إلى قواده ليوافوه، ومع كل قائد عشرة نفر من أصحابه، فأتوه فمنّاهم، وقال: ما أردت بما فعلت إلا صلاحكم وحقن الدماء، وأمرهم بالخروج إلى المعتز بالشروط التى شرطها للمستعين ولنفسه وقوّاده، ليوقع المعتز عليها بخطه فتوجهوا إلى المعتز فأجاب إلى ما طلبوا، ووقع عليه بخطه وشهدوا على إقراره، وخلع عليهم ووجّه معهم من يأخذ البيعة له على المستعين، وحمل إلى المستعين أمه وعياله بعد أن فتشوا وأخذ ما معهم.
[ذكر خلع المستعين وخلافة المعتز بالله]
[ودخلت سنة اثنتين وخمسين ومائتين]
قال: وخلع المستعين نفسه من الخلافة وبايع للمعتز بالله بن المتوكل وهى البيعة العامة للمعتز، وخطب له ببغداد يوم الجمعة لأربع خلون من المحرم، وأخذ له البيعة على كل من بها. قال: ولما كتب كتاب الشروط دخل محمد [بن عبد الله]«١» بن طاهر إلى المستعين ومعه سعيد بن حميد وقد كتب شروط الأمان، فقال: يا أمير المؤمنين- قد كتب سعيد كتاب الشروط فأكده غاية التأكيد، فقرأه عليه ليسمعه. فقال المستعين: لا حاجة لى إلى توكيدها، فما القوم بأعلم بالله منك، ولقد أكّدت على نفسك قبلهم فكان ما علمت، فما ردّ محمد شيئا.