فأفرغها فى قدح فتوضأنا كلنا، ندغفقه دغفقة أربع عشرة «١» مائة. وفى حديث غزوة تبوك، وما أصاب الناس من العطش، ودعا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وأن الله تعالى أرسل سحابة فأمطرت حتى ارتوى الناس، واحتملوا حاجتهم من الماء، وقد تقدّم ذكره. ومن طريق آخر فى هذه القصة عن عمر: وذكر ما أصابهم من العطش فى جيش العسرة، حتى إن الرجل لينحر بعيره فيعصر فرثه فيشربه، فرغب أبو بكر رضى الله عنه إلى النبىّ صلّى الله عليه وسلّم فى الدّعاء، فرفع يديه فلم يرجعهما حتى قالت «٢» السماء، فانسكبت فملأوا ما معهم من آنية، ولم يجاوز العسكر.
والحديث فى هذا الباب كثير.
وأما تكثير الطعام ببركته ودعائه صلّى الله عليه وسلّم
فقد روينا من ذلك أحاديث كثيرة بأسانيد صحيحة متّصلة، رأينا حذفها هاهنا اختصارا لاشتهارها وانتشارها، منها ما رويناه عن جابر رضى الله عنه: أن رجلا أتى النبىّ صلّى الله عليه وسلّم يستطعمه فأطعمه شطر وسق شعير، فما زال يأكل منه وامرأته وضيفه حتى كاله، فأتى النبى صلّى الله عليه وسلّم فأخبره فقال:«لو لم تكله لأكلتم منه وقام بكم» . ومن ذلك حديث أبى طلحة المشهور، وإطعام رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ثمانين أو سبعين رجلا من أقراص من شعير جاء بها أنس تحت يده- أى إبطه- فأمر بها ففتّت، وقال فيها ما شاء الله أن يقول. وحديث جابر- رضى الله عنه- فى إطعام رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يوم الخندق ألف رجل من صاع شعير، وعناق «٣» ، قال جابر: فأقسم بالله لأكلوا حتى تركوه وانحرفوا»