قال: وفي شوال سنة سبع وخمسين ومائتين جمع صاحب الزنج أصحابه لدخول البصرة، وتخريبها لضعف أهلها وتفرّقهم، وكان منصور الخيّاط قد أمسك عن حربه بعد تلك الوقعة التى ذكرناها، واقتصر على تخفير القيروانات والسفن، فامتنع أهل البصرة فعظم ذلك على صاحب الزنج، فتقدّم إلى على بن أبان بالمقام بالخيزرانيّة ليشغل منصورا عن تسيير القيروانات، وكان علىّ بنواحى جبىّ والخيزرانيّة، ثم أمر محمد بن يزيد الدارمى- وهو أحد من صحبه بالبحرين- أن يخرج إلى الأعراب فيجمعهم، فخرج إليهم فأتاه منهم خلق كثير فأناخوا بالقندل «١» ، ووجّه إليهم سليمان بن موسى الشّعرانى، وأمرهم بطرق البصرة والايقاع بها ليتمرّن الأعراب على ذلك، ثم انهض علىّ بن أبان وضمّ إليه طائفة من الأعراب، وأمره باتيان البصرة من ناحية بنى سعد، وأمر يحيى بن محمد البحرانى باتيانها من ناحية نهر عدى وضمّ إليه سائر الأعراب، فكان أوّل من واقع أهل البصرة على بن أبان، وبغراج يومئذ بالبصرة في جماعة من الجند، فأقام يقاتلهم يومين ومال الناس نحوه، وأقبل يحيى بن محمد فيمن معه نحو الجسر، فدخل على بن أبان البصرة وقت صلاة الجمعة لثلاث عشرة ليلة بقيت من شوال، فأقام يقتل ويحرق يوم الجمعة وليلة السبت ويوم السبت، ثم عاد يحيى إلى البصرة يوم الأحد فتلقّاه بغراج في جمع، فردّوه يومه ذلك، ثم غاداهم يوم الإثنين