فدخل وقد تفرق الجند، وانحاز بغراج ومن معه. ولقيه إبراهيم بن يحيى المهلّبى فاستأمنه لأهل البصرة فأمّنهم، فنادى منادى إبراهيم: من أراد الأمان فليحضر دار إبراهيم، فحضر أهل البصرة قاطبة حتى ملأوا الرحاب، فلما رأى اجتماعهم انتهز الفرصة لئلا يتفرقوا فغدر بهم، وأمر أصحابه بقتلهم فكان السيف يعمل فيهم وأصواتهم مرتفعة بالشهادة، فقتل ذلك الجمع كله ولم يسلم منهم إلا النادر، ثم انصرف يومه ذلك، ودخل علىّ بن أبان إلى الجامع فأحرقه، وأحرقت البصرة من عدة مواضع، واتسع الحريق من الجبل إلى الجبل، وعظم الخطب وعمّها القتل والنهب والاحراق، وقتلوا كل من رأوه بها، فمن كان من أهل اليسار أخذوا ماله وقتلوه، ومن كان فقيرا قتلوه لوقته، فبقوا كذلك عدة أيام، ثم أمر يحيى أن ينادى بالأمان ليظهروا فلم يظهر أحد، ثم انتهى الخبر إلى صاحب الزنج فصرف على بن أبان عنها، وأقرّ يحيى عليها لموافقته هواه في كثرة القتل، وصرف عليا لابقائه على أهلها، فهرب الناس على وجوههم، وصرف صاحب الزنج جيشه عن البصرة.
قال: ولما أخرب البصرة انتمى إلى زيد لمصير جماعة من العلويين إليه، وترك الانتساب إلى عيسى بن زيد، وانتسب إلى يحيى بن زيد، قال القاسم بن الحسن النوفلى: كذب، ابن يحيى «١» لم يعقب غير بنت ماتت وهى ترضع.