للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وصفوان بن أميّة ينهاهم عن ذلك، فبصروا بالرجلين، فقطعوا عليهما فقتلوهما، ومضى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بأصحابه حتى عسكر بحمراء الأسد، فدفن الرجلين فى قبر واحد، وكان المسلمون يوقدون تلك الليالى خمسمائة نار، وذهب صوت معسكرهم ونيرانهم فى كل وجه، فكبت الله تعالى عدوّهم، وانصرف رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، إلى المدينة فدخلها يوم الجمعة، وقد غاب خمس ليال، وكان قد استخلف على المدينة عبد الله بن أم مكتوم.

وقال محمد بن إسحاق، ورفع الحديث إلى أبى السائب مولى عائشة بنت عثمان:

إن رجلا من بنى عبد الأشهل قال: شهدت أحدا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، أنا وأخ لى، فرجعنا جريحين، فلما أذن مؤذن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بالخروج فى طلب العدوّ، قلت لأخى، وقال لى: أتفوتنا غزوة مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؟ ما لنا دابة نركبها، وما منا إلا جريح ثقيل، فخرجنا مع رسول الله وكنت أيسر جرحا من أخى، فكان إذا غلب حملته عقبة «١» ومشى عقبة، حتى انتيهنا إلى ما انتهى إليه المسلمون.

قال: وأنزل الله تعالى على رسوله صلّى الله عليه وسلّم (الَّذِينَ اسْتَجابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ ما أَصابَهُمُ الْقَرْحُ)

هم الذين ساروا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى حمراء الأسد، على ما بهم من ألم الجراح، إلى قوله: (فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ) .

ذكر سريّة أبى سلمة بن عبد الأسد المخزومى

بعثه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى قطن- وهو جبل بناحية فيد، به ماء لبنى [أسد بن «٢» ] خزيمة- فى هلال المحرم على رأس خمسة وثلاثين شهرا من مهاجره.