للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المظفر عوده إلى الكرك ظنّ أن ذلك عن عجز وخور، فكتب إليه كتبا وسيرها صحبة الأمير علاء الدين مغلطاي ابتغلى يتضمن الإنكار، والوعيد وأنه لابد أن يفعل معه ما فعل بابن الملك المعز أولاد الملك الظاهر، ولم يراقب الله تعالى فى مقالته، ولا خشى غيرة الله تعالى [١] فلما وصل كتابه بذلك حملت السلطان أنفة الملك على أن ضرب مغلطاى أبتغلى ضربا وجيعا واعتقله.

[وكان أيضا قد وصل إلى السلطان كتابه]

عند وصول الأمراء والمماليك السلطانية إلى الكرك على يد بينجار [٢] يتضمن أن طائفة هربوا من القاهرة خشية من القبض عليهم، وتوجهوا نحو الشام وربما يقصدون الكرك فإن وصلوا إليه، لا يقربوا، ولا يرجع إليهم ويقبض عليهم ويعيدهم فاعتقل السلطان قاصده الأول أيضا، وترادفت المكاتبات والرسل إلى السلطان الملك الناصر من جهة النواب والأمراء تتضمن أنهم على الطاعة والموالاة وبذل النفوس والأموال بين يديه، ولم يبق من النواب ما لم ترد مطالعته بالانقياد والطاعة إلّا الأمير جمال الدين الأفرم فإنه أظهر المخالفة، وأصرّ على الامتناع، وكان قد جرد الأمير سيف الدين قطلوبك وأردفه بالأمير سيف الدين الحاج بهادر فى أربعمائة فارس وأمرهم أن يكونوا بأذرعات يمنعان السلطان الملك الناصر إن قصد دمشق ويكونا بمن معهما يزكا على [٣] تلك الجهة.

فلما كان فى يوم الثلاثاء حادى عشر شعبان استقل ركاب السلطان من الكرك وفى خدمته من التحق به من الأمراء والمماليك السلطانية، وترك الأمير سيف الدين أرغون فى طائفة بقلعة الكرك.

فلما وصل السلطان إلى بركة زيزا [٤] وهى المنزلة الثالثة من الكرك إلى جهة دمشق وصل إلى خدمته الأميران سيف الدين بهادر وسيف الدين قطلوبك ومن معهما، وقبّلا الأرض بين يديه، وبذلا الطاعة والمناصحة والمؤازرة، فسار بهم إلى أذرعات [٥] ورسم بجميع خيل البريد وسياقتها من المراكز إلى دمشق


[١] وفى ص «غيرة الله عز وجل» .
[٢] مكان هذه الكلمة بياض فى ك، والمثبت من ص، وف.
[٣] اليزك: لفظ فارسى معناه الطلائع (السلوك ١: ١٠٥ هامش ٣) .
[٤] زيزا: قرية كبيرة من قرى البلقاء يطؤها الحجاج ويقام بها سوق لهم، وفيها بركة عظيمة (النجوم الزاهرة ٥: ٥٣ هامش) .
[٥] أذرعات: من أعمال البلقاء فى أطراف الشام (معجم البلدان ١: ١٧٥) .