للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التى وجدوها بما مرّوا عليه من المراكز، وكان خروجهم من القاهرة باتفاق من الأمير سيف الدين سلّار ومباطنه، فعند ذلك أظهر السلطان من أمره ما كان يبطنه، وأعلن بما كان يسرّه وخرج بما كان يخفيه ويضمره، وأمر بالخطبة لنفسه فخطب له بجامعى القلعة والمدينة فى يوم الجمعة الرابع والعشرين من الشهر، وأنفق فيمن وصل إلى خدمته وتجهز للمسير وأجمع على قصد دمشق واستقل ركابه العالى من قلعة الكرك بمن عنده من مماليكه، ومن وصل إلى خدمته فى الساعة الثالثة من يوم الإثنين السابع والعشرين من جمادى الآخرة، وترك بقلعة الكرك نائبه الأمير سيف الدين أرغون فى طائفة من المماليك السلطانية حتى انتهى إلى منزله الخمان [١] بالقرب من أذرعات، وكان قد كاتب الأمير شمس الدين قراسنقر المنصورى نائب السلطنة بحلب وغيره من النواب فلما وصل إلى هذه المنزلة وركب منها لقصد دمشق ورد عليه مملوك الأمير شمس الدين قراسنقر المذكور بأجوبة مخدومه تتضمن وفاة ولده [٢] الأمير ناصر الدين محمد وأنه لا يمكنه اللحاق بالسلطان فى هذا الوقت ويقول:

إن كان السلطان قد خرج من الكرك فيعود إليها ويظهر أنه إنما خرج للصيد ونحو هذا من الكلام المخذل له عن القصد ولم يكن قراسنقر كتب ذلك وإنما كتب ببذل الطاعة والنصيحة والموافقة فلما وصل مملوكه إلى دمشق ظفر به الأمير جمال الدين آقش الأفرم نائب السلطنة بالشام، فتحيل عليه وبذل له ذهبا وأخذ منه الكتب وغير [٣] ما تضمنته إلى هذا القول، فلما وصل كتاب قراسنقر إلى السلطان بذلك عاد إلى الكرك، وكان قد التحق بركابه فى هذه السفرة من الأمراء بدمشق الأمير ركن الدين بيبرس الشرفى المعروف بالمجنون، والأمير ركن الدين بيبرس العلمى، وغيرهما من أمراء العشرات والجند، فعاد السلطان بهم جميعا إلى الكرك وكان وصوله إليها فى الساعة السابعة من يوم الجمعة لثمان خلون من شهر رجب فأسكن الأمراء الذين معه بالكرك، ووصلهم بصلات وأنعم عليهم، وشرع فى إعمال الفكرة وتجهز لقصد دمشق ثانيا فلما بلغ


[١] الخمان: فى ك، وص «الحمان» والمثبت من ف: والخمان بفتح أوله وتشديد الميم من نواحى البثنية من أرض الشام (معجم البلدان ٢: ٤٤٤ تحقيق فريد الجندى ط دار كلمات العلمين ببيروت.
[٢] هذا اللفظ سقط من ك.
[٣] فى الأصول «وغيرها» والسياق يقتضى ما أثبته.