للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رتبته والتضييق عليه، فكان أول ما بدأ به أن كتب إليه يطلب منه الأموال الحاصله بالكراك، والمماليك والخيول التى عنده كما تقدم ذكره، ثم أعاد المكاتبات ثانيا بتجديد الطلب من غير تحاش ولا حياء منه، ولا مراعاة لإحسانه وسالف عتق أبيه، ولا حفظ لحق ولا ذمام فعند ذلك تحقق السلطان سوء رأى المظفر فيه، وآيس من خير يحصل له من جهته، وتوقع منه الشر، فأخذ عند ذلك فى استئناف ما فرط وراسل من يثق بمودته ومحافظته وموالاته من الأمراء وكاتب الأمير حسام الدين مهنا، وأمراء العرب، ووردت عليه أجوبتهم وترددت قصّادهم، ولم يزل الأمر على ذلك سرا إلى أن التحق بخدمة السلطان والأمراء الثلاثة الذين خرجوا من الديار المصرية كما تقدم، ووصلوا إلى خدمته وهم، الأمير سيف الدين أبغية قبجق فى ثمانية وعشرين نفرا من مماليكه والأمير علاء الدين مغلطاى القازانى فى ثلاثة عشر نفرا، والأمير سيف الدين طقطاي أمير مجلس فى اثنى عشر نفرا ومن الماليك السلطانية نحو أربعين فارسا، وكان عدة جمعهم يقارب التسعين نفرا، وكان وصول أوائلهم إلى الكرك يوم الثلاثاء الحادى والعشرين من جمادى الآخرة سنة تسع وسبعمائة، ووصلوا والسلطان بالصيد فى برية الكرك، فركب إليه الأمير سيف الدين أيتمس المحمدى أحد مماليكه من القلعة وتوجه إليه وهو يتصيد، وعرفه خبر من وصل فعاد السلطان من الصيد ووصل إلى الكرك فى نصف الليل ففتح له الأمير سيف الدين أرغون نائبه بالقلعة والمدينة وطلع إلى القلعة وأذن فى دخول من وصل إليه ممن ذكرنا فدخلوا إلى الكرك فى بكرة نهار الأربعاء الثانى والعشرين من الشهر، ومثلوا بين يدى السلطان، فأحسن إليهم وخلع عليهم، وكانوا لما خرجوا من القاهرة وجدوا تقدمة الأمير سيف الدين طوغان نائب السلطنة بقلعة البيرة [١] قد وصلت من جهته إلى الملك المظفر، فأخذوها بجملتها، وأحضروها إلى السلطان ودخلوا إلى قطيا [٢] وأخذوا ما بها من المال الحاصل وأحضروه فأنعم السلطان عليهم به وأحضروا معهم أيضا خيل البريد


[١] قلعة البيرة: بلد قريب من سميساط بين حلب وثغور الروم، وهى قلعة حصينة مرتفعة على شاطئ الفرات (ياقوت: معجم البلدان، النجوم الزاهرة ٨٥: ١١٧ هامش) .
[٢] قطيا: قرية مصرية كانت بين القنطرة والعريش، وقد اندثرت ولم يبق منها إلا أطلال (النجوم الزاهرة:
٧: ٧٧، ٨: ٢٥٣ هامش) .