ذلك في أسرع وقت «١» ، وبنوا فيها البنيان العظيم، وانتقل إليها الرجال والنساء من كل مكان، وسمّيت دار الهجرة وذلك في سنة سبع وسبعين ومائتين «٢» .
فلم يبق بعد هذا أحد إلا خافهم، ولا بقى أحد يخافونه لقوّتهم وتمكّنهم في البلاد، وكان الذى أعانهم على ذلك تشاغل السلطان ببقيّة الخوارج وصاحب الزنج بالبصرة، وقصر يد السلطان وخراب العراق وركوب الأعراب واللصوص وتلف «٣» الرجال وفساد البلدان وقلّة رغبة من يلى الأعمال من ذوى الاصلاح والأمانة من العمّال وأصحاب الحروب، فتمكّن هؤلاء الدعاة ومن تبعهم بهذا السبب، وبسطوا أيديهم في البلاد وعلت كلمتهم، فغلبوا على ذلك سنين
[ذكر انتفاض الدعوة عن حالتها الأولى ومقتل عبدان وما كان من أمر زكرويه بعده]
قال الشريف: وكان قرمط يكاتب من بسلمية من الطواغيت «٤» فلما توفّى من كان في وقته وجلس ابنه من بعده كتب إلى حمدان قرمط كتابا، فلما ورد عليه الكتاب وقرأه أنكر ما فيه، وتبيّن فيه ومنه ألفاظا قد تغيّرت، وشيئا ليس هو على النظام الأوّل، فاستراب به