وفطن أنّ حادثة حدثت، فأمر قرمط ابن مليح- وكان داعيا من دعاته- أن يخرج فيتعرف الخبر، فامتنع عليه واعتذر، فأنفذ من أحضر عبدان الداعية من عمله، فلما حضر أنفذه ليتعرف ما حدث من هذا الأمر، ويكشف عن سبب تغيّره، فسار عبدان لذلك، فلما وصل عرّف بموت الطاغية الذى كانوا يكاتبونه، فاجتمع بابنه وسأله عن الحجّة ومن الإمام بعده، الذى يدعو إليه، فقال الابن: ومن الإمام؟
قال عبدان: محمد بن إسماعيل بن جعفر صاحب الزمان الذى كان أبوك يدعو إليه، وكان حجّته، فأنكر ذلك عليه وقال: محمد بن إسماعيل لا أصل له، ولم يكن الإمام غير أبى وهو من ولد ميمون بن ديصان، وأنا أقوم مقامه، فعرف عبدان القصة واستقصى الخبر وعلم أنّ محمد بن إسماعيل ليس له في هذا الأمر حقيقة، وإنما هو شىء يحتالون به على الناس، وأنّه ليس من ولد عقيل بن أبى طالب، فرجع عبدان إلى قرمط فعرّفه الخبر، فأمره قرمط أن يجمع الدعاة ويعرّفهم صورة الأمر وما تبين منه، ويقطع الدعوة، ففعل عبدان ذلك وقطعت الدعوة من ديارهم، ولم يمكنهم قطعها من غير ديارهم، لأنها كانت قد امتدّت في سائر الأقطار وامتدّ شرها، وفطعت الدعاة مكاتبة أصحابهم الذين بسلمية.
وكان رجل من أولاد القدّاح قد نفذ إلى الطالقان يبث الدعاة، ونزل بقرمط وهو بسواد الكوفة عند عبوره إلى الطالقان، وكانت الدعاة يكاتبونه، فلما انقطعت المكاتبة عن جميع أولاد القدّاح قطعت عن هذا الذى بالطالقان، فطال انتظاره، فشخص عن الطالقان ليقصد قرمط، وكان قرمط قد سار إلى كلواذى، فلما وصل