إلى كلواذى سأل عن قرمط، فعرف أنّه انتقل فلا يدرى أين مضى وما عرف لقرمط بعد ذلك خبر، ولا علمت وفاته ولا ما اتفق له، فقصد ابن القدّاح سواد الكوفة، فنزل على عبدان، فعتب عليه وعلى جميع الدعاة في انقطاع كتبهم عنه، فعرّفه عبدان أنهم قطعوا الدعوة وأنهم لا يعودون فيها وأن أباه كان قد غرّهم «١» وادّعى نسبه من عقيل بن أبى طالب كذبا ودعا إلى المهدى، فكنّا نعمل على ذلك، فلما تبينا أنّه لا أصل لذلك، وعرفا أن أباك من ولد ميمون بن ديصان وأنّه صاحب الأمر، تبنا إلى الله تعالى مما تحمّلناه، وحسبنا ما كفرنا أبوك فتريد أن تردّنا كفارا؟! انصرف عنا إلى موضعك.
قال: وكان عبدان قد تاب من هذه الدعوة حقيقة، فلما أيس منه صار إلى زكرويه بن مهرويه، فعرّفه خبر عبدان وما ردّ عليه، فلقيه زكرويه بكل ما يحب، وقدر أنّه ينصبه داعيا مقام أبيه، فيستقيم له أخذ الأموال وجمع الرجال، وواطأه على ذلك، وقال له:
إن هذا الأمر لا يتم مع عبدان، لأنه داعى البلد كلّه، والدعاة من قبله والناس من تحت يده، وأنه لا يجيبه إلا أهل دعوته خاصة. وشرعا في إعمال الحيلة على قتل عبدان، واتّفقا على ذلك، ثم وجّه زكرويه إلى رجل من بنى تميم بن كليب وأخ له كانا من أهل دعوته، وأحضر جماعة من قراباته وثقاته فأظهرهم على ابن اللعين، وعرّفهم أنّه ابن الحجّة، وأن الحجّة توفى وأن ابنه هذا يقوم مقامه، فأجلّوه وأعظموه