وكان فى المجلس صغير ابن شهرين- وهو ابن داية زليخا- فتكلّم بإذن الله وقال: لا تعجل يا قطفير، أنا سمعت تخريق الثوب. قال الله تعالى: وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ أَهْلِها إِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكاذِبِينَ* وَإِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ
ثم لم ينطق الصبىّ بعد ذلك حتى بلغ حدّ النطق، وهذا الصبىّ أحد من تكلّم فى المهد. فَلَمَّا رَأى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ قالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ
؛ وأقبل على يوسف وقال: يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هذا
الحديث لا يسمعه أحد. وقال لزليخا: وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخاطِئِينَ.
وخرج قطفير من منزله، وعادت زليخا لمراودته؛ فامتنع عليها.
ذكر خبر النسوة اللاتى قطّعن أيديهنّ
قال: وفشا فى المدينة، وشاع عند نساء الأكابر خبرها، فعتبنها عليه، وهو قوله تعالى: وَقالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُراوِدُ فَتاها عَنْ نَفْسِهِ قَدْ شَغَفَها حُبًّا إِنَّا لَنَراها فِي ضَلالٍ مُبِينٍ
فلمّا بلغها ذلك من قولهنّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً.
قال: استدعت امرأة الكاتب والوزير وصاحب الخراج وصاحب الديوان.
وقيل: إنّ النساء اللاتى تكلّمن فى أمر زليخا امرأة الساقى وامرأة الخباز وامرأة صاحب الديوان وامرأة صاحب السجن وامرأة الحاجب؛ والله أعلم.