إرساله إلى دمشق. وبذل الصالح إسماعيل فيه للناصر ربع دمشق. فما أجاب الناصر إلى ذلك وقيل: كان السبب فى امتناع الملك الناصر من تسليمه، لمن بذل فيه ما بذل، أن الصالح أيوب كان قد أرسل جمال الدين بن مطروح- الكاتب- إلى الخوارزميّة فى الحضور إليه، لمحاصرة دمشق. فتوجه لذلك.
فلما قبض على الصالح، أرسل ابن مطروح رسولا على النّجب إلى الملك الناصر، يقول له: إن فرط فى الملك الصالح أمر، فاعلم أن الخوارزمية لا يبقون لك فى البلاد قعر قصبة، فقد حلفوا على ذلك.
وقيل إن والدة الملك الناصر اهتمّت بأمر الملك الصالح، وخدمته أتم خدمة، وتولت ذلك بنفسها، وكانت تطبخ له بيدها. وحلفت على ولدها أنه إن فعل به ما يكره، لا أقامت عنده. وقالت له: ما ملّكنا البلاد، وجعلنا فى هذا الحصن إلا والده- تعنى: الملك الكامل. فتوقف عن إرساله. والله أعلم.
[ذكر إطلاق الملك الصالح من الاعتقال بالكرك، وما كان من أمره إلى أن ملك الديار المصرية]
قال: ولما كان فى أواخر شهر رمضان، استشار الملك الناصر داود الأمير عماد الدين بن موسك، وابن قليج، والظّهير، فى أمر الملك الصالح.
فوقع الاتفاق على تحليفه وإخراجه. فاجتمع الناصر والصالح وتحالفا، وأفرج عنه وذلك فى أواخر شهر رمضان، سنة سبع وثلاثين وستمائة. ولما أخرجه الناصر من اعتقاله، ركّبه بالكرك بشعار السّلطنة، وحمل الغاشية بين يديه، وأظهر الناصر الخلاف على الملك العادل.