للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ذكر فتح بيت المقدس وهو ايلياء]

كان [١] فتح بيت المقدس على يد عمر بن الخطاب رضى الله عنه، سنة خمس عشرة. وقيل: ستّ عشرة، وذلك أن عمرو بن العاص لما فتح هذه الجهات الّتى ذكرناها، أرسل إلى أرطبون رجلا يتكلّم بالرّوميّه، وقال له: اسمع ما يقول، وكتب معه كتابا، فوصل إليه، وأعطاه الكتاب، وعنده وزراؤه، فقال لهم: لا يفتح عمرو شيئا من فلسطين بعد أجنادين. فقالوا له: من أين علمت ذلك؟

فقال: صاحبها صفته كذا وكذا، وذكر صفة عمر، فعاد الرسول إلى عمرو، وأخبره بذلك، فكتب عمرو إلى عمر رضى الله عنهما، يقول: إنى أعالج عدوّا شديدا، وبلادا قد ادّخرت لك، فرأيك.

فعلم عمر أن عمرا لم يقل ذلك إلا لشىء سمعه، فسار عن المدينة.

وقيل: كان سبب قدوم عمر إلى الشام، أنّ أبا عبيدة حصر بيت المقدس، فطلب أهله أن يصالحهم على صلح أهل مدن الشّام، وأن يكون المتولّى للعقد عمر بن الخطّاب، فكتب إليه بذلك، فسار عن المدينة، واستخلف عليها علىّ بن أبى طالب رضى الله عنه، وكتب عمر إلى أمراء الأجناد بموافاته بالجابية ليوم سمّاه لهم، وأن يستخلفوا على أعمالهم، فوافوه، وكان أوّل من لقيهم يزيد بن أبى سفيان وأبو عبيدة ثم خالد بن الوليد على الخيول، عليهم الدّيباج والحرير، فنزل عن فرسه، ورماهم بالحجارة، وقال:

ما أسرع ما رجعتم عن رأيكم! إيّاى تستقبلوننى فى هذا


[١] تاريخ ابن الأثير ٢: ٣٤٧، تاريخ الطبرى ٣: ٦٠٧.