للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الاستعارة أن التشبيه المضمر الأداة يحسن إظهار أداة التشبيه فيه، والاستعارة لا يحسن ذلك فيها. والاستعارة أخصّ من المجاز إذ قصد المبالغة شرط فى الاستعارة دون المجاز، وأيضا فكلّ استعارة من البديع وليس كلّ مجاز منه. والحقّ أن المعنى يعار أوّلا ثم بواسطته يعار اللّفظ؛ ولا تحسن الاستعارة إلا حيث كان التشبيه مقرّرا بينهما ظاهرا، وإلا فلا بدّ من التصريح بالتشبيه، فلو قلت: رأيت نخلة أو خامة وأنت تريد مؤمنا إشارة إلى قول النّبى صلّى الله عليه وسلم: «مثل المؤمن كمثل النخلة «١» » أو «كمثل «٢» الخامة» لكنت كالملغز التارك لما «٣» يفهم. وكلّما زاد التشبيه خفاء زادت الاستعارة حسنا بحيث تكون ألطف من التصريح بالتشبيه، فإنّك لو رمت أن تظهر التشبيه فى قول ابن المعتزّ:

أثمرت أغصان راحته ... لجناة الحسن عنّابا

احتجت أن تقول: أثمرت أصابع راحته التى هى كالأغصان لطالب الحسن.

شبه العنّاب من أطرافها المخضوبة، وهذا ممّا لا خفاء بغثاثته.

وربّما جمع بين عدّة استعارات إلحاقا للشكل بالشكل لإتمام التشبيه فتريد الاستعارة به حسنا، كقول امرئ القيس فى صفة اللّيل:

فقلت له لمّا تمطّى بصلبه ... وأردف أعجازا وناء بكلكل

[فصل فيما تدخله الاستعارة وما لا تدخله]

قال: الأعلام لا تدخلها الاستعارة لما تقدّم فى المجاز. وأما الفعل فالاستعارة تقع أوّلا فى المصدر، ثم تقع بواسطة ذلك فى الفعل، فإذا قلت: نطقت الحال بكذا