للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذكر عود أبى أحمد الموفق الى سامرا واستخلافه محمد المولد على حرب الزنج

وفي هذه السنة أيضا انحاز أبو أحمد الموفق إلى واسط، ثم منها إلى سامرّا، وكان سبب ذلك أنه لما صار إلى نهر أبى الأسد كثرت الأمراض في أصحابه وكثر فيهم الموت، فرجع إلى باذاورد فأقام هناك، وأمر باعطاء الجند أرزاقهم واصلاح الآلات والسميريّات وشحنها بالقوّاد، وعاد إلى عسكر صاحب الزنج، وأمر جماعة من قوّاده بقصد مواضع سمّاها من نهر أبى الخصيب وغيره «١» ، وبقى معه جماعة، فمال أكثر، الخلق حتى التقى الناس ونشبت الحرب إلى نهر أبى الخصيب «٢» ، وبقى أبو أحمد في قلّة من أصحابه، فلم يزل عن موضعه خوفا أن يطمع الزنج فيه، ولما رأى الزنج قلّة من معه طمعوا فيه وكثروا عليه، واشتدت الحرب عنده وكثر القتل والجراح، وأحرق أصحاب أبى أحمد منازل الزنوج، واستنقذوا من النساء جمعا كثيرا، ثم ألقى الزنج جدّهم نحوه، فلما رأى أبو أحمد ذلك علم أنّ الحزم في المحاجزة، فأمر أصحابه بالرجوع إلى سفنهم على مهل وتؤدة، واقتطع الزنج طائفة من أصحابه فقاتلوهم، فقتلوا من الزنج خلقا كثيرا ثم قتلوا بأجمعهم، وحملت رؤوسهم إلى قائد الزنج، وهى مائة رأس وعشرة أروس، فزاد ذلك في عتوّ صاحب الزنج، فعبىّ أبو أحمد أصحابه للرجوع إلى الزنج، فوقعت نار في أطراف