للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ذكر ما وصل إلينا من الحوادث الكائنية ببغداد فى هذه السنة]

فى نصف شهر ربيع الأول سنة إحدى وعشرين وسبعمائة كبس الحراميّة [١] بغداد وقت الظهر ونهبوا سوق الثلاثاء، وخرج الناس، وقتلوا منهم نحو المائة وأسر منهم جماعة، وكان ذلك جرأة عظيمة منهم. نقلت ذلك من تاريخ الشيخ علم الدين بن البرزالى، وقال: كنت قرأت ذلك فى كتاب وصل إلى شمس الدين ابن منتاب البغدادى، وفيها أيضا ورد كتاب من بغداد من جهة أحمد البالوادى إلى شمس الدين بن منتاب بدمشق، وهو مؤرخ بالحادى والعشرين من جمادى الآخرة، وكان وصوله إلى دمشق فى مدة عشرين يوما، وفيه «..

والذى أعرفكم به أنه جرى فى بغداد شىء ما جرى فى زمان الخليفة إلى هذا التاريخ: خرّبوا البازار [٢] من أوله إلى آخره، وما يعلم ما عزموا عليه إلا الله تعالى، وما خلّوا فى البلد خاطية إلا توّبوها وزوجوها، وما خلّوا أحدا يعصر فى البلد شرابا، وبدّدوا الشراب العتيق، ولو بدّدوه من الشط غرقت بغداد، وبعد ذلك نادت المنادية أن كل من تخلّف عنده شىء من الشراب يكون دمه وماله للسلطان، وطلع بعد ذلك عند شخص من العقبة جرّه، فعلّقوها فى حلقه، وقتلوه فى باب النوبة، وطلع عند عبد الله بن الجبّار الذى من درب دينار جرّتين من الشراب فقطعوا رأسه فى باب النوبة، وجعلوا جرة عند رأسه، وجرة عند رجليه، ودفع فيه ألف وخمسمائة دينار فما خلاه محمد حسيناه، وعلّموا [٣] اليهود والنصارى، وأسلم الرّفى الجوهرى، وبركة، وإبراهيم الكاغدى، والعماد الصيرفى، وكل يوم جمعة يسلم أربعة خمسة» نقلته من تاريخ الشيخ علم الدين البرزالى أيضا.

واستهلت سنة اثنتين وعشرين وسبعمائة يوم الأربعاء الموافق الخامس والعشرين [٤] من طوبة من شهور القبط.


[١] الحرامى: اللص- مولد (المعجم الوسيط) وقد شاعت هذه اللفظة على أقلام الكتاب فى هذه الفترة وانظر صبح الأعشى (٧/٣١٤) .
[٢] البازار: السوق (فارسية) .
[٣] المراد: ميزوهم بعلامات خاصة.
[٤] هكذا فى «ك» ، وانظر: التوفيقات الإلهامية ٣٦١، وفى «أ» الخامس عشر من طوبة.