للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن كلام عائشة أمّ المؤمنين بنت أبى بكر الصّدّيق رضى الله عنهما،

وهو مما اتصل إلينا بالرواية الصحيحة، والأسانيد الصريحة، عن محمد بن أحمد ابن [أبى «١» ] المثنّى، عن جعفر بن عون، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضى الله عنها: أنه بلغها أنّ أقواما يتناولون أبا بكر رضى الله عنه، فأرسلت الى أزفلة من الناس، فلمّا حضروا أسدلت أستارها، وعلت وسادها، ثم قالت: أبى وما أبيه! أبى والله لا تعطوه الأيدى، ذاك طود منيف، وظلّ مديد؛ هيهات، كذبت الظّنون، أنجح «٢» إذ أكديتم، وسبق إذ ونيتم «سبق الجواد إذا استولى على الأمد» فتى قريش ناشئا، وكهفها كهلا، يفكّ عانيها، ويريش مملقها، ويرأب شعبها، ويلمّ شعثها، حتى حليته «٣» قلوبها، ثم استشرى فى دين الله، فما برحت شكيمته فى ذات الله عزّ وجلّ حتى اتّخذ بفنائه مسجدا يحيى فيه ما أمات المبطلون، وكان رحمه الله غزير الدّمعة، وقيد الجوانح، شجىّ النّشيج، فانعطفت اليه نسوان مكّة وولدانها يسخرون منه، ويستهزئون به، اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ

فأكبرت ذلك رجالات قريش، فحنت قسيّها، وفوّقت سهامها، وامتثلوه «٤» غرضا فما فلّوا له صفاة، ولا قصفوا له قناة، ومرّ على سيسائه، حتى اذا ضرب الدّين بجرانه، وألقى بركه، ورست أوتاده، ودخل الناس فيه أفواجا، ومن كلّ فرقة أرسالا