إلى عمروس فلقيه الخادم وصافحه وسلّم الكتاب إليه من غير أن/ يحادثه. فلما قرأ عمروس الكتاب رأى فيه كيف تكون الحيلة على أهل طليطلة، فأشار إلى عيون أهلها أن يسألوا عبد الرحمن الدّخول إليه ليرى هو وأهل عسكره كثرتهم وقوتهم ومنعتهم فظنوا أنه ينصحهم، ففعلوا ذلك. وأدخلوا عبد الرحمن البلد، فنزل مع عمروس فى داره، وأتاه أهل طليطلة أرسالا يسلمون عليه، وأشاع عمروس أن عبد الرحمن يريد أن يتّخذ لهم وليمة عظيمة. وشرع فى الاستعداد لذلك وواعدهم يوما ذكره لهم، وقرر أنهم يدخلون من باب ويخرجون من آخر ليقلّ الزحام ففعلوا ذلك! وأتى الناس أفواجا عند الميعاد، فكان إذا دخل فوج أخذوا وحملوا إلى جماعة من الجند على حفرة كبيرة فى القصر فتضرب رقابهم. فلما تعالى النهار أتى بعضهم فلم ير أحدا فقال: أين الناس؟ فقيل له: إنهم يدخلون من هذا الباب ويخرجون من الآخر! فقال: لم ألق منهم أحدا! وعلم الحال فعاد وصاح بالناس وأعلمهم هلاك أصحابه، فكان سبب نجاة من بقى منهم، ودانوا وحسنت طاعتهم بقية أيام الحكم وأيام ولده عبد الرحمن ثم كان منهم بعد ذلك ما نذكره إن شاء الله تعالى.
[ذكر عصيان أهل ماردة على الحكم وما فعله بأهل قرطبة]
/ وفى سنة إحدى وتسعين عصى أصبغ بن عبد الله على الحكم ووافقه أهل ماردة وأخرجوا عامله عنها، فاتّصل الخبر بالحكم، فسار إليها وحصرها. فبينما هو فى ذلك أتاه الخبر عن أهل قرطبة