وفى سنة اثنتين وستين وخمسماية جمع نور الدين العساكر وسار إليه أخوه قطب الدين من الموصل واجتمعا على حمص، فدخل بالعساكر إلى بلاد الفرنج بالساحل واجتاز على حصن الأكراد «١» ، فأغاروا ونهبوا وسبوا. وقصدوا عرقة «٢» فنازلوها وحصروها، وحصروا حلبة وأخذوها وخربوها. وسارت عساكر المسلمين فى بلادهم يمينا وشمالا تغير وتخرب، وفتحوا العريمة، وصافيثا، وعادوا إلى حمص فصاموا بها شهر رمضان، وكان الفرنج فى سنة ثمان وأربعين قد كبسوا عسكر نور الدين بالبقيعة على حين غفلة من العسكر، فنالوا من المسلمين منالا عظيما، فجعل نور الدين فى مقابلة ذلك فتح حارم وبانياس والمنيطرة وصافيثا وعريمة وتخريب بلادهم، وأدرك ثأره عن غير بعد.
ثم سار بعد شهر رمضان إلى بانياس، وقصد العبور إلى بيروت، فجرى بين العسكر اختلاف أوجب رجوعه. وأعطى قطب الدين فى هذه السنة الرقة، وأعاده إلى بلده. هذا ما فتحه رحمه الله من بلاد الفرنج، فلنذكر ما استولى عليه من البلاد الإسلامية.