بعد ذلك بمدّة يسيرة على ما نذكره إن شاء الله تعالى، فكأنّه المعنى بقول القائل:
وما كان قيس هلكه هلك واحد ... ولكنّه بنيان قوم تهدّما
[ذكر ولاية أبى الحارث منصور بن نوح بن منصور بن نوح ابن نصر بن أحمد بن اسماعيل بن أحمد، وهو التاسع من الملوك السامانية]
ملك ما وراء النهر وخراسان بعد وفاة أبيه في شهر رجب سنة سبع وثمانين وثلاثمائة، وبايعه الأمراء والقوّاد وسائر الناس، وفرّق فيهم بقايا الأموال فاتّفقوا على طاعته، وقام بأمر دولته وتدبيرها بكتوزون، ولما بلغ خبر وفاة أبيه إلى ايليك الخان سار إلى سمرقند وانضم إليه فايق [و]«١» الخاصة فسيّره جريدة إلى بخارى، فلما سمع الأمير منصور بمسيره تحيّر في أمره وأعجله عن أن يتجهّز، فسار عن بخارى وقطع النهر، ودخل فايق بخارى وأظهر أنّه قصد القيام بخدمة الأمير منصور، رعاية لحق أسلافه عليه إذ هو مولاهم، وأرسل إليه مشايخ بخارى في العودة إلى بلده وملكه، وأعطاه من نفسه ما يطمئن إليه من العهود والمواثيق، فعاد إليها ودخلها وولى فايق أمره، وحكمه في دولته، وولى بكتوزون أمر الجيش بخراسان، وكان محمود ابن سبكتكين حينئذ مشغولا بمحاربة أخيه إسماعيل، فسار بكتوزون إلى خراسان ووليها واستقرت قواعده بها.