هذه الوقعة قد ذكرها ابن الأثير [١] رحمه الله بعد وقعة اليرموك، واعتمد فى ذلك على أبى جعفر الطبرى رحمه الله، فإنّه أوردها على منواله، ويقتضى سياق التاريخ أن تكون مقدّمة على وقعة اليرموك؛ وذلك أن خالد بن الوليد لما قدم بصرى وعليها أبو عبيدة وشرحبيل ابن حسنة ويزيد بن أبى سفيان، صالح أهلها على الجزية على ما تقدّم، ثم ساروا جميعا إلى فلسطين مددا لعمرو بن العاص، وهو مقيم بالعربات، واجتمعت الروم بأجنادين- وهى بين اليرموك وبيت جبرين من أرض فلسطين- وعليهم تذارق أخو هرقل لأبويه.
وقيل: كان على الرّوم القبقلار. وسار عمرو بن العاص حين سمع بالمسلمين فلقيهم، فنزلوا بأجنادين، فبعث القبقلار عربيّا إلى المسلمين يأتيه بخبرهم، فعاد إليه، فقال له: ما وراءك؟
فقال: باللّيل رهبان، وبالنهار فرسان، ولو سرق ابن ملكهم قطعوه، ولو زنى رجموه، لإقامة الحقّ فيهم، فقال: إن كنت صدقتنى فبطن الأرض خير من لقاء هؤلاء على ظهرها. ثم التقوا يوم السبت لليلتين بقيتا من جمادى الأولى سنة ثلاث عشرة، وظهر المسلمون عليهم، وانهزم الروم، وقتل القبقلار وتذارق، واستشهد رجال من المسلمين.
ثم جمع هرقل للمسلمين، فالتقوا باليرموك.
والله سبحانه أعلم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وسلّم.
[١] ابن الأثير ٢: ٢٨٦. ٢٨٧، وانظر تاريخ الطبرى ٣: ٤١٥- ٤١٨.